هل الحياة جميلة
جاء في الحديث الصحيح (إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون) وفي آخر (الدنيا ملعونة وملعون ما فيها إلا ما ذكر اسم الله عليه) وقد يظهر للباحث من الوهلة الأولى أن هناك تضارب وتعارض بين الحديثين ولكن مع القليل من التمعن في قول من لا ينطق عن الهوى نتبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الأول يصف الدنيا من حيث المظهر وفي الثاني من حيث الجوهر فالدنيا بحدائقها وبحارها وانهارها وثمارها وخضرها وسمائها وغير ذلك جميلة وسبب جمالها إبداع الصانع جلا جلاله فلو كانت قبيحة الصنعة لعيب الصانع تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وأما عن جوهرها فالأصل فيه الفناء والزوال وملعونة بغوايتها للساكننين فيها فيتقاتلون عليها ويؤثرونها على الدار الآخرة. ويعقب رسول الله صلى الله عليه وسلم (إلا ما ذكر اسم الله عليه) وفي ذالك إشارة واضحة من النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي يجمل ويحلي هذه الملعونة الفانية والترياق الذي يقينا سمها ذكر الله تعالى.
واذا كانت حياة بهذه المواصفات فكيف نعيشها.
إن المعتقد في هذه الحياة بالكمال والراحة فهو متوهم جاهل فحتى إذا عاش الإنسان فيها أعلى درجات الراحة والترف لا تخلوا ابدا من كدر حتى وإن كان مجرد صداع كذالك الذين يحلمون بحلم اليوتوببيا غافلون إنها حياة الاكدار ولا يحلوا العيش فيها إلا بذكر الله والاستمتاع بما فيها من متع بحدود الشرع إذ إنها الطريق والمعبر إلى حياة الخلود والكمال. اقبلها كما هي وعيشها على ما يرضي الله تتقي شرها وسمها واغوائها لعلنا في النهاية نعبر بسلام خفاف من الأثقال اللتي نحملها جهلا فعندما تزول الدنيا ويهلك العالم ولا نجد ما بقى معنا من هذه الدنيا إلا ذنوب ومعاصي وشهوات وشبهات واوساخ كيف نأمل عبثا أن ندخل دار النظافة فلا يدخلها إلا كل نظيف
(إلا من أتى الله بقلب سليم )
تعبير مختصر من دروس الشيخ - جزاه الله خيرا